م ــــــلاذي .. ~

.๑. سريعة .๑.
" أعود لأكتب ، و أكتب لأعيش ، و أعيش لأحقق غاية الإله " أومي

بــصمت




ركبت أولا في السيارة  في المقعد الأمامي، هو ركب ثانيا بجانبي .. وهو يضحك ، ابتسمت لضحكاته ، أحبه كثيرا حينما يضحك ، أخذت محفظتي وأخرجت الكتاب الذي اقرأه  ، وضعنا حزام الأمان ، وانطلق ، فتحت كتابي وبدأت اندمج مع كلماته ، أساسا كنت أريد أن أنسى ....

نظر إلي وقال : تطالعين ؟ أغلقي الكتاب .. و ابعد الكتاب عني ..
استغربت من حركته هذه كثيرا .. سألته : لماذا ؟
أجابني بدون أن ينظر إلي : أريد أن تحدثيني ، تستطيعين أن تقرئيه في القطار .. تعرفين لست ضد الكتاب أنا أحبه وأريدك دائما أن تقرئي ،لكن الآن دعينا نتحدث ..
أخذت الكتاب ،أغلقته في هدوء واعدته إلى مكانه ، ابتسمت ، وقلت له : ماذا تريدني أن أقول لـك ؟
لم يجب .. اكتفى بنظرات غاضبة جدا ..
اكتفيت بابتسامة .. وبدأت اسأل أسئلة سخيفة و غبية ..
لكنه كان يجيب بفــرح ..
قررت أن اكف عن تلك الأسئلة ، لا أريد أن أبدو لا سخيفة ولا غبية ... تنهدت ، وضعت كفي على وجهي متأملة ارض الجنوب الصفراء و السراب .. أحب لعبة السراب ، كلما اقتربنا منه كلما ابتعد ، أحبه لأنه يذكرني بأشياء كثير في حياتي ، كلما أقول لنفسي أنني وصلت إلى ذلك الهدف يبتعد عني أكثر فأكثر ..
جاء سؤاله لكسر الصمت : فيم تحدقين ؟
في هذه الأرض ..
هو : ما بها الأرض ؟
أنا : لا شيئي .. فقط صفراء
هو : طبيعي ..
ترددت هذه الكلمة في أذناي طويلا.. طبيعي .. ما الطبيعي يا ترى ؟ لا اقصد الأرض طبعا ، بل بعيدا.. بعيدا.. لقد غصت في هذه الكلمة .
أعدت عقلي إلى السيارة ، على صوت سقوط 'ريموت كونترول ' الخاص بالمسجل .. تأملته وهو يمسكه ويغير الأغنيات ، كانت بداية أغنية تعيديني إلى الماضي ، إلى أيام جميلة رغم كل ما حصل فيها .. لكني قررت أن أبقى صامتة ، وان لا اطلب منه أغنية محددة ..
استقر أخيرا على الأغنية الثورية اللبنانية "هيات يا متحل"  ..
هيهات يا محتل
هيهات منا الذل
اعشقها ، كنت اغني في نفسي و أنا انظر إلى السراب ، أما هو فبدا يغني بصوت مرتفع قليلا .. ابتسمت ابتسامة عريضة .. وسألت .. أية علاقة تربطني بك ؟ اقصد من أي نوع من العلاقات هي ؟ .. لقد ارقني هذا السؤال ..
انتهت الأغنية ، وبدأت أخرى ..' لبنان شوكة يعنيك ' .. و على أنغامها بدا يسألني .. أسئلة يعرف أجوبتها مسبقا  ..
متى ستستقلين قطارك ؟ ماذا ستأكلين ؟ متى ستصلين ؟ متى ستبدئين عملك ؟
و أنا كنت أجيب ببلاهة تامة ... شعر بذلك .. تنهد وقال : لا تريدين الحديث .. وهذه هي الطريقة الوحيدة لإخراجك من صمتك ولو قليلا ..
انقبض قلبي ، نظرت إليه  بعينين مترجيتين .. أحسست باني أريد البكاء .. أشحت بوجهي إلى الجهة الأخرى ، انظر ولا انظر إلى تلك الأرض الجافة ..
أريد أن أتحدث ، ليثني استطيع .. أن أتحدث بدون انقطاع معك .. سأخبرك عن أشياء عديدة .. لكني لن أتحدث ..
سالت نفسي .. ولماذا لا تتحدثين .. أهو الخوف ؟ ومم أنا خائفة .. لم اقترف ذنبا .. هل أنا عاجزة؟ ... ها أنا غاضبة ؟ هل أريد معاقبته بصمتي ؟ وهل يريد هو معاقبتي برغبته في الحديث ؟
مرت علي بعض الأحداث  كومضات استيقظت فجأة لتجيبني .. أدركت أن الصمت جيد لنا نحن الاثنين .. إنها لغتنا  ، لغة من نوع آخر ، انه عنصر الاستمرارية في علاقتنا ..
أخد 'الريموت' مرة أخرى وبدا يغير في الأغنيات ، بدأت أغنية 'أمي' لسامي يوسف ، آآآآآه إلى أين تقودني هذه الأغنية ، لم استطع المقاومة هذه المرة ، خرجت عن صمتي ..
أرجوك لا تغييرها ..
اكتفى بابتسامة .. و  رفع صوت المسجل قليلا ..
أغمضت عيناي وتركت ألحانها ، كلماتها ، تفعل بي ما تشاء ...
مر الوقت  يبطئ ، وها قد دخلنا المدينة أخيرا ، نظر بفرح وقال : وصلنا
كررت : وصلنا ..
هو : الآن ساخدك إلى المحطة أولا ... أليس كذلك ؟
طبعا
لكن قبل ذلك يجب أن تأكلي شيئا ..
ليس ضروريا ؟
نظر بغضب إلي .. ثانيا ؟؟
لا أريد أن ندخل في نقاش عقيم .. فقلت في مضض : حسن حسن .. كما تريد .
أثناء طريقنا ، أشار إلى ذلك البناء الكبير وقال : انظري هناك سيكون عملي اليوم ..
اكتفيت بكلمة جميل كتعقيب على كلامه .
وصلنا  محطة القطار أخيرا ،
فقط انزلي ، سأعطيك أغراضك ..
ترجلت من السيارة ، أخذت حقائبي و أغراضي .. ابتسمت .. قبلته وعانقته .. : إلى اللقاء
هو : لن أتحرك من هنا حتى تدخلي المحطة
كما تريد
أثناء وصولي إلى باب المحطة ، ناداني وحياني من بعيد ، استدرت بادلته التحية بابتسامة  .. ومضيت قدما .. في تلك اللحظة بالضبط أيقنت  أنني لا أزال  أحبه ، أحبه أكثر من أي وقت مضى ، أحبه بصمت .. إغرورقت عيناي ... وبكيت بعمق .
{ yasmeen gamal khodeer } في : 2 juillet 2012 à 02:19 a dit…

جميله اوى اوى اوى اوى و حسيتها جدا جدا :) ,,

{ Imane Belâbbes } في : 2 juillet 2012 à 08:54 a dit…

كنت هنا
أحسست كلماتك كثيرا
قلبي نبض مع كل كلمة
الصمت أحيانا خير من الكلام حتى لو بدا العكس

{ oumi } في : 2 juillet 2012 à 13:50 a dit…

ياسمين ، تسلمي يا قمر
مسرورة جدا بطلتك هنا :)

{ oumi } في : 2 juillet 2012 à 13:51 a dit…

إيمي ،
الصمت لغة لا يتقنها الا الصامتون
أليس كذلك ؟

 

^__^

ملاذيات قديمة ~

Follow us

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner