م ــــــلاذي .. ~

.๑. سريعة .๑.
" أعود لأكتب ، و أكتب لأعيش ، و أعيش لأحقق غاية الإله " أومي

هي و التنموي






تسرع خطاها حتى تصل في الوقت المناسب، تضع حقيبتها ومعطفها ثم تجلس بهدوء، تضع أوراقا و قلما أسودا، تنظر إلى ساعتها بين الفينة و الأخرى .. تنتظر قدوم رجل التنمية لتعرض أفكارها عليه و مشروعها الجديد. 

حياها بابتسامة عريضة  وضع معطفه على جنب ثم جلس بهدوء أيضا .. تبادلا أحاديث عامة، كان في كل جملة يستعمل كلمات من قبيل "أنت رائعة"، "أنت جميلة"، "ذلك النشاط الذي شاركت فيه كان روعة"، لوهلة اعتقدت أن القاموس خلى من كل الكلمات عدى تلك الروعة و الجميلة. 

صمت برهة، و نظر إليها بتركيز ثم سألها بحزم، أخبريني ما الذي فعلته في حياتك إلى الآن؟
ابتسمت و كأنها انتظرت هذا السؤال قبلا، ثم أجابت بحماسة و ثقة: الآن أعمل على نفسي و ذلك عن طريق التهام أي كتاب يقع بين يدي، كي أكون رصيدا معرفيا ذو قيمة ، و على محيطي الصغير أحاول تحفيز الآخرين على القراءة و الكتابة و أيضا رسم أفكارهم و أحاسيسهم. هذه كخطوة أولى، ثم بعدها سأوسع مجال العمل مستعملة وسائل الاتصال، لكني حاليا أبحث عن جمعية تتبنى أفكاري، و نعمل في إطار مجموعة من اجل تحقيق أهدافنا المشتركة. 

ابتسم ابتسامة عريضة و قال:  إذا أنت تصبين طاقتك على القراءة و الكتابة و الرسم ، لماذا هذه الميادين بالضبط؟ 

بهدوء: أولا أنت تعلم ما معنى شعب يقراء و لا حاجة لشرح ذلك، فيما يخص الكتابة و الرسم فهما الهوايتان المفضلتان عندي، و لي باع طويل معهما، فمن خلالهما نستطيع إيصال رسائل، وبطرق مختلفة، كما أنهما تؤثران وتغيران، و هذا هو المطلوب.

ابتسم باستهزاء و قال : الم تفكري في العمل الجمعوي؟ 

نعم فكرت فيه، لا أنكر أهميته و دوره المفيد لكني لا أجد نفسي فيه، أفضل أن أعطي في المجال الذي أحب أكثر .
بنفس الابتسامة، و بدون مقدمات قال: أنت عالة على هذا المجتمع، أنت صفر على اليسار مجرد زائد..
تصنعت الهدوء و عدم الصدمة، طردت كل التساؤلات في عقلها و بلسان ثقيل حائر تمكنت من أن تسأله: لماذا ؟ 

أجاب بسرعة و بابتسامة واثقة من النفس: إن الذي يريد أن يغير يجب عليه أن يشارك في الأعمال الجمعوية ، التحسيسسية و التوعية، ساعتها سيكون قد وضع رجليه في طريق التغيير.

بتعجب: و لكن أي منطق هذا يا سيدي؟ ألا ترى أن الكتابة و الرسم يمكن لهما أن يكونا من الأعمال الجمعوية أيضا؟ و ماذا عن فعل القراءة أليست توعوية تحسيسية ؟ 

أجل و لكن ليس كافيا .. نحتاج إلى أشياء أخرى. 

لم نختلف يا سيدي، و لكن هذا لا يعني أن الناس التي تعمل في مجالات أخرى هي عالة عليه، المجتمع يا سيد عبارة عن خليط متجانس من الاختصاصات المتفرقة، كل يعمل في مجاله و كلنا نصب في قدر واحد ألا وهو تنمية هذه البلاد و التغيير إلى الأفضل، أما أن نركز جهودنا على شيء واحد فهذا خلل، سيحدث شللا في المجتمع .. تخيل معي لو أن جميع الطلبة مثلا درسوا الطب، في نظرك من سيدرس الهندسة آو الفلسفة أو اللغات أو .. أو .. هذا أولا.

ثانيا، ألا ترى معي انه من المجحف، أن تسمح لنفسك بإطلاق أحكام كهذه على الآخرين، و أنت خبير في التنمية البشرية، يا حسرتي .. تعلم جيدا ما الذي قد يؤدي هكذا كلام بالطرف الأخر. ما الذي تعرفه عني بربك؟ أو عن الطرف الآخر ؟
أهكذا سنغير ؟ أهكذا سنكون خبراء تنمية ؟ 
فلتراجع نفسك أيها التنموي .. انتهى

حملت حقيبتها و معطفها و سحبت نفسها، تاركة التنموي يراقب خطواتها المسرعة الغاضبة. خرجت من المقهى إنسانة أخرى، مصممة على أشياء أخرى غير تلك التي دخلت لأجلها .. و كانت تلك هي أول و أخر مرة ترى رجلا من رجال التنمية. 

أومي 

 

^__^

ملاذيات قديمة ~

Follow us

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner